سنختلف على مستواه.. سنتجادل حول إمكاناته.. سنقيمه تقييما يتراوح ما بين وبين، ولكن مهما اجتهدنا وأجهدنا ذاكرتنا لن نتذكر له مرة واحدة لم يكن فيها على قدر المسئولية.
حط به الرحال في الزمالك قادما من فريق غير جماهيري، لكنه وياللغرابة مصنف في أغلب الاستفتاءات كأفضل لاعب في مصر.. من المشاركة أساسيا مع باتشيكو، للجلوس احتياطيا مع فيريرا لفترات طويلة تخللتها مشاركات كبديل مهم ومؤثر يجيد في كل مرة تلمس فيها أقدامه العشب الأخضر، ليتوقع الجميع عودته للتشكيلة الأساسية.. ولا يعود.
يحاول من جديد مستغلا كل ثانية يشارك فيها كبديل.. هو يحاول بلا افتعال للمشاكل، بلا أزمات إعلامية، بلا استحضار لعروض احترافية.. هو يحاول، فقط يحاول، وظل يحاول إلى أن ثبّت قدماه في الملعب كلاعب لا غِنى عنه.
تناوب على تدريب فريقه العديد من المدربين.. شخصيات مختلفة من جنسيات مختلفة بطرق مختلفة وإستراتيجيات مختلفة، وتستطيع أن تضع كلمة "مختلفة" خلف كلمات كثيرة مثل "قناعات" أو "تشكيلات" أو "شكاوي" وغيرها.. من فيريرا لميدو لمحمد حلمي لمؤمن سليمان لمحمد صلاح،اختلفوا جميعا في كل شيء إلا شيء واحد، هو أن هذا اللاعب هو الأفضل والأقدر على تحمل المسؤولية.. منهم من قال عنه الأفضل عموما، ومنهم من قال لمجلس الإدارة يجب أن يجدد لـ 10 سنوات مقبلة.. بالطبع كان يقصد المعنى المجازي وهو أن وجوده على المستوى الشخصي والفني ضرورة حتمية.
مر بالكثير من المواقف في نادي الزمالك كشفت جميعا عن معدنه، قال ذات مرة لأحد المسئولين: "لو عندكم مشكلة في الفلوس دلوقتي أخروا مستحقاتي وادفعوا للاعيبة الجديدة.. أنا عارف نادي الزمالك وشفت خيره ولازم اللاعيبة الجديدة يعرفوا هما كمان، مش عايزهم يحسوا مع أول ميعاد مستحقات إن في مشكلة في الفلوس في الزمالك عشان ميتأثروش معنويا".. ملحوظة: أحد اللاعبين الجدد لاعب ينافس هذا اللاعب على المشاركة أساسيا في نفس مركزه.
لم يحاول التأثير على مشاعر الجماهير بشعارات لا أساس لها في قلبه.. لم يتقرب لأحد المؤثرين محاولا التسلل من خلاله لقلوب الجماهير لزيادة شعبيته من أجل استخدامها في الضغط على الإدارة مثلما يفعل غيره (لن أفصح عن من يفعلون ذلك حفاظا على الفريق لا عليهم).. لا يحتاج لأي من ذلك أصلا، فكل نقطة عرق تسقط منه على أرض الملعب غالية لدرجة تغنيه عن كل تلك التمثيليات الرخيصة.
هو ليس ملاكا بالمناسبة، بالتالي الاقتداء به ليس مستحيلا، هو بشر مثلنا جميعا، يحزن ويغضب ويثور ويشكو ويشعر أحيانا بالظلم، ويخونه كثيرا التقدير، ولكنك لن تعرف أبدا.. مشاعره ومشاكله الشخصية لم تقف يوما أمام المصلحة العامة.
بإمكاني تكوين قناعات فنية، ومع الوقت وتغيير المستوى وتبدل المعطيات يمكنني تعديلها أو تغييرها بالكامل واستبدالها بقناعات جديدة،لكني ومهما تغير رأيي الفني لا يتغير أبداً تقديري واحترامي لجهد ورجولة واحترافية وإخلاص طارق حامد.