عزيزي أحمد جعفر.. لن تصدق أن كاتب هذة الكلمات كان من أشد المتحمسين، بل تجاوز مرحلة الحماس أحيانًا لمرحلة الانحياز في أول موسم لك بالزمالك تحت قيادة حسام حسن.. شاهد فيك مهاجم قوي البنية, يجيد السيطرة على الكرة تحت ضغط (ولو بالتحجيز عليها), مميز في الانطلاق قصير المدى بالكرة ، هاديء داخل منطقة الجزاء.. ربما يضحك الآن من يقرأ الكلمات السابقة أو يظنني أكتب مقالًا ساخرًا، ولكني هنا لا أسخر فهذا ما كنت عليه في شهورك الأولى بالزمالك فعلًا.. ربما نسي البعض الماضي تحت تأثير مأساة الحاضر، وربما نسيت أنت نفسك، ولكني أتذكر جيدًا.
فجأة وبعد البداية المبشرة تغير كل شيء.. أصبحت متكاسلًا مهملًا غير مكترث بما يضيع منك في الملعب من فرص لتسجيل أهداف، ولا ما يضيع من عمرك من فرص لصناعة تاريخ.. يعتقد البعض أن الأمر تزامن مع انخراطك في الصداقة مع مجموعة من رواد اللامبالاة في الفريق وقتها ممن أكل عليهم الزمان وشرب، فأصبحت منهم.. ما لم تتوقعه أن الاستهتار مع أغلب البشر شعرة يخفت الشغف بالنجاح ويجتاح التبلد مشاعر من يقطعها مرة.. قليلون هم من يجاهدون أنفسهم فيسترجعونها.. قليلون جدًا.
دخلت بمنتهى الحماس مرحلة التيه، وانخفضت أسهمك شيئًا فشيء إلى أن رحل أصدقاؤك ورحلت معهم ولم يأسف عليكم أحد.
من محطة فاشلة بإنبي لمحطة أفضل كثيرًا ببتروجيت يرجع الفضل فيها للقدير طلعت يوسف، أعادت لك بصيص من الأضواء من جديد.. بلغ القدر ذروة التعاطف معك عندما عدت للزمالك المنتعش ماديًّا ورياضيًّا وأقرب للبطولات، والأهم أنه ممتلئ باللاعبين الجدد، مما يمنحك بسهولة شارة القيادة عند مشاركتك.
هل شعرت بعودة الروح التائهة للجسد لتنتفض وتستعيد ما فاتك؟
هل أقسمت أمام المرآة أن ترد على من انتقدوك؟
هل رسمت لنفسك طريقًا وعزمت على الالتزام به؟
هل شعرت أصلًا بالمنحة الربانية في الأمر؟.
الحقيقة أنك لم تفعل أي شيء، وكأنك حللت الأمر بأن عودتك للزمالك دليل على أنك لم تخطئ من الأصل، فكررت مباشرة ما بدأته من كسل ولامبالاة وياللمفاجآة وصلت لنفس النتيجة ونفس الرصيد.. كررت نفس التجربة ولسبب ما انتظرت نتيجة مختلفة!
لن أضرب لك مثالًا بمحمد إبراهيم وما عاناه من أزمات عاندها جميعًا ليعود، ويعاندها الآن من جديد ليعود مرة أخرى.. لن أضرب لك مثالًا بلاعب مثل أحمد فتحي قيل عدة مرات عنه (أحمد فتحي خلص) ليعود ويخرج لسانه للجميع كل مرة من جديد.. لن أضرب لك أي أمثلة فأنت تراها يوميًّا ولا تؤثر فيك.
فقط أخبرك أن الانتقال لطنطا على سبيل البيع أو حتى الإعارة هو شهادة وفاتك كلاعب يمكن أن يكون مهم، وشهادة ميلادك كلاعب لا يتذكره أحد.
أن تصل متأخرًا خير من أن لا تصل أبدًا.. حاول أن تجعل من المتبقي من مباريات الدور الأول رحلة العودة فهي الفرصة الأخيرة قبل اللاعودة.