مؤشرات كثيرة وبعضها يظهر منذ الوهلة الأولى، لتوضح الصورة عن مدرب يقود فريق بطولات، ويمكن فى أحيان كثيرة الاعتماد على الاستنتاجات التى تزيد نسبة صدقها، ومعرفة ما إذا كان هذا المدرب قادرًا على أن يكون مديرًا فنيًا يصل بالفريق لمنصات التتويج أم لا.
عندما كان فييرا مديرًا فنيًا للزمالك، كان يتصدى ويقف بالمرصاد لكل مايُعانيه من إهمال مجلس الإدارة، ويحاول لم شمل الفريق والعمل لآخر دقيقة للحفاظ على قوام الفريق الذى نجح فى أن يعيد إليه هيبته وشخصيته، قبل أن يتعاقد الزمالك مع حلمى طولان ليخلفه، ويضع يده فى يد الإدارة لتدمير كل مجهود فييرا الذى وضع الفريق على أول الطريق، سواء بعدم الضغط على المجلس للإبقاء على اللاعبين، أو حتى فى الاستفادة من البقية الباقية من اللاعبين خلال المباريات.
الزمالك يُعانى من نقص شديد اعتراف واضح مُخطئ من يحاول إنكاره، ولكن الفريق مازال يملك لاعبين جيدين وقادر رغم ذلك النقص على أن يفوز بالمباريات وينافس أعتى الفرق محليًا أو قاريًا.
الزمالك يمتلك لاعبين "كويرة" بلغة الكرة الدارجة بين المشجعين، على درجة عالية من الحرفنة والقدرة على الاحتفاظ بالكرة بين أقدامهم لفترات طويلة، ولكن يبقى ذلك يحتاج لتكتيك مدرب كما كان يفعل فييرا، لتظهر تلك القدرة بشكل واضح وفعال فى المباريات، وليس بمجهود اللاعبين وحدهم كما يحدث مع طولان.
بكل أسف طولان قدم كل شئ سئ يمكن أن يُقدمه مُدرب لفريقه خلال لقاء أورلاندو، بدءً من التشكيل أو التغييرات أو طبيعة تنفيذ الطريقة وأسلوب اللعب.
الزمالك أصبح فريقًا مفككًا، لايُهاجم أو تظهر خطورته إلا بمهارة فردية أو جماعية للاعبين بجهود ذاتية، وليس بسبب أسلوب هجومى ولعب منظم يصل به لشباك المنافس، بل وزاد الطين بلة الخطوط المتباعدة وحالة الفوضى الفنية للفريق فى الملعب، وكأن طولان بمعاونة واضحة وصريحة لاينجح فيها إلا مجلس إدارة الزمالك فقط، ضربا صاروخ أربيجيه فى صمام قلب الفريق، وللأسف أصبح شبح زمالك ماقبل فييرا يطارد الجماهير وبقوة بعد ثلاثة مباريات للفريق تحت قيادة طولان.
طولان بدء مباراة أورلاندو بمفاجآت عدة، أولها جلوس محمد إبراهيم المتنفس الوحيد هجوميًا للزمالك على الدكة، ثانيها تكليف شيكابالا وأحمد عيد بمهام دفاعية، رغم أنهما من المفترض مهاجمان أو يمثلان هجوم الزمالك نظريًا على الأقل!!!.
ثالث مفاجآت طولان كانت قتل اللاعبين داخل الملعب، من خلال توظيفهم بشكل خاطئ وعدم منحهم المساحات التى تمكنهم من إظهار قدراتهم، مثل نور السيد أو عمر جابر أو إسلام عوض، وازدادت الأوضاع سوءً بالمستوى المُزرى الذى قدمه عبد الشافى، وإن كان مستواه الثابت طوال السنوات الماضية يشفع له هذا الهبوط الذى لم تعتاده منه الجماهير.
الزمالك يُقدم أسلوب ضغط بدائى على الخصم، فإذا لم تسعفك قدرتك بدنيًا على الضغط القوى، على الأقل اجبر الخصم على نقل الكرة سلبيًا بغلق مساحات الملعب أمامه وتطبيق أسلوب دفاع المنطقة بصرامة فنية، كما فعلها أتليتكو مدريد أمام برشلونة فى ذهاب السوبر الإسبانى، وتحديدًا فى الشوط الأول.
بالفعل أورلاندو فريق مميز، ولكن رغم النقص العددى فى الزمالك إلا أنه كان يمكنه الفوز على الأقل التعادل، ولكن لابد من الإشارة إلى أن حالة اللامبالاة التى عاد إليها اللاعبين طبيعية، فى ظل وجود مجلس عاجز عن أسهل مهام أى مسئول فى أى ناد، وهى الحفاظ على قوام فريق مميز، ومدرب لايمكنه حتى الاستفادة بالأوراق المتاحة لديه.
للعلم .. فييرا عندما تولى قيادة الزمالك كان الفريق يُعانى نقصًا أيضًا، وكانت كل الجماهير لديها تشاؤم من وضع الفريق بعد رحيل شيكابالا، وعدم وجود صانع لعب أو لاعب على الجناح يشكل خطورة اللاعب الأسمر، وكانت منطقة صناعة اللعب خاوية إلا من لاعب خبرة لايمكنه لعب 90 دقيقة وهو أحمد حسن، مع وجود محمد إبراهيم الناشئ قليل الخبرة، وإسلام عوض الذى لم يستطع تقديم مستوى جيد فى ذلك التوقيت يؤهله لتحمل مسئولية الهجوم الزملكاوى، ولم يتعاقد الزمالك مع لاعب فى تلك المنطقة سوى أحمد عيد.
فييرا كان يشرك صبرى رحيل وعبد الشافى، الوحيدان فى الجبهة اليسرى، ولا احتياطى لهما، فييرا طور مستويات نور السيد وعمر جابر ومحمد إبراهيم وأعاد رحيل مرة أخرى، فييرا نجح فى تغطية نقص صفوف الزمالك بالآداء الجماعى والعمل كمجموعة دفاعًا وهجومًا، فييرا خاض عددًا كبيرًا من المباريات بمهاجم واحد وهو أحمد جعفر، ومع ذلك كان مظهر الزمالك رائعًا فى الهجوم؛ للاعتماد على الجماعية والجماعية فقط، وهنا تكون مهارات فردية للاعبين أمثال إبراهيم أو عيد أو نور السيد كما لو كانت أدوات قوة إضافية لتميز الفريق جماعيًا.
فييرا كان يواجه أزمة فى صرف مستحقات اللاعبين بل ومستحقاته هو شخصيًا، ولكنه كان قادرًا على لم شمل الفريق، ولم يظهر الزمالك متأثرًا بالأزمات فى مبارياته إبان وجود البرتغالى.
نعترف بأن ظروف طولان أًصعب من فييرا، ولكن هناك فارقًا بسيطًا بينهما، هو أن البرتغالى تعامل وفق الظروف والأوراق المتاحة لديه، ونجح فى وضع خطة وصنع توليفة تمكنه من تحقيق طموحات جماهير النادى، والتى كادت تترجم لبطولات لولا ظروف البلاد وتمسك مجلس الإدارة بمبدأ الفشل.
يؤيد وجهة نظر المقال تصريحات أيمن يونس عضو لجنة الكرة خلال الأيام الماضية، والتى أكد فيها أن خطة طولان أكبر من قدرات اللاعبين، وطالبه بوضع طريقة للعب تناسب الأوراق المتاحة لديه بالفريق.
الزمالك وكأن مكتوبًا عليه أن يلحق به سوء الحظ أو بمعنى أدق "النحس" بمجرد عبور دور الـ16 ببطولة أفريقيا، الموسم الماضى اندلعت مشكلة شيكابالا مع حسن شحاتة المدير الفنى للفريق وقتها، وأودت بأحلام الفريق الأفريقية، رغم أن كل التوقعات كانت تشير إلى أن الزمالك أحد المرشحين للفوز بالبطولة، والنسخة الحالية بعد صعود صعب وممتع فى الوقت ذاته على حساب سان جورج الإثيوبى، وتوقعات جديدة بفوز الزمالك بالبطولة أيضًا، نفاجأ بمجلس إدارة فاشل لم يستطع الإبقاء على أفضل مدير فنى تولى قيادة الفريق السنوات الأخيرة، وهو البرتغالى جورفان فييرا، ولم يكتف مسئولو النادى بذلك، بل ساهموا أيضًا فى تدمير القائمة الأفريقية، سواء بترك لاعبين مقيدين يرحلون، أو بعدم ضم آخرين لتعويضهم!!!!!.
التشاؤم ليس من صفاتى، ورغم إيمانى بأن الزمالك يمكنه الصعود لنصف النهائى، إلا أن الاختراعات "الطولانية"، بالاشتراك مع الافتكاسات "العباسية"، تدفعنى وبكل أسف للابتعاد عن التفاؤل حول مشوار الزمالك الأفريقى، رغم أنه من المفترض أن يكون دور الصحفى أو الإعلامى هو تصدير التفاؤل والاطمئنان للجماهير والقراء الأعزاء!، ولكن يبقى هناك فارق بين عدم التفاؤل والتشاؤم التام.
شاهد الفيديوهات
|